القرآن دعوة للإيجابية
خذ مثلاً هذه الآية:
يقول الله عز وجل مخبراً عن نفسية الذين في قلوبهم مرض ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين )
إن هؤلاء القوم الذين تتحدث عنهم الآية أصيبوا بمرض الريبة والتردد والشك فأصبحت نظرتهم إلى المستقبل سوداويةً قاتمةً لا تهديهم نفوسهم المريضة إلا إلى التفكير السلبي فهم لا يتوقعون إلا الأسوأ.. يتوقعون أن تصيبهم دائرة، فيدفعهم هذا التفكير السلبي إلى اتخاذ قرارات خاطئة وإلى البقاء في حالة التردد والريبة القاتلة.
أما القرآن فيلفت الأنظار إلى الاتجاه الآخر..لماذا لا نتوقع الأفضل من المستقبل..لماذا نفترض دائماً أن الأسوأ في حياتنا لم يأت بعد..لماذا لا نفترض أننا تركنا الأسوأ وراء ظهورنا وأن القادم سيكون خيراً عميماً.
بدل أن يتوقعوا الدائرة كان ينبغي عليهم أن يتوقعوا الفتح والنصر حتى لا يصبحوا نادمين..
من سمات التفكير الإيجابي أن ينتظر الإنسان الأفضل من المستقبل..
إن توقع الأفضل يخلق نفسيةً إيجابيةً تجذب الأفكار والخواطر الإيجابية فيأتي ما توقعناه فعلاً.. هذا يعني أن توقع الأفضل ليس تحليقاً في الخيالات حتى لا يبرر إنسان تشاؤمه ونظرته السوداوية بالواقعية.. نحن من يصنع الواقع سواءً كان إيجابياً أم سلبياً فمن ملأ نفسه بالأفكار الإيجابية جاء مستقبله إيجابياً، ومن ملأها بالأفكار السلبية جاء مستقبله سلبياً أيضاً..ألا نسمع في المثل العامي ( اللي بيخاف من العفريت بيطلعله).. وهذا شيء ملاحظ بكثافة في حياتنا فإذا تأملنا في المصائب التي تصيب فريقاً من الناس بينما لا تصيب فريقاً آخر نجد أنها تصيب من كان يتوقعها فعلاً ومن كان متوجساً ومتخوفاً منها، أما الذي كان يتوقع الخير والتفاؤل في حياته فلا يصيبه إلا الخير، وهنا نتذكر الحديث القدسي عن رب العزة ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء) ونتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط..
مثال قرآني آخر يحث على النظرة الإيجابية للحياة:
يقول الله عز وجل مخاطباً عباده المؤمنين: ( ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً)..
إن علينا أن نتذكر الجانب الإيجابي للأشياء دائماً..فبدل أن نقول إن تحت الورد شوكاً فإن النظرة الإيجابية تقول إن فوق الشوك ورداً..وبنفس المنطق بدل أن نقول إن هؤلاء القوم ليسوا معنا يحسن بنا أن نقول إنهم ليسوا ضدنا أيضاً..
هذه الآية تتحدث عن قوم سيقابلهم المؤمنون أثناء فتوحهم حصرت صدورهم أن يقاتلوا المؤمنين أو يقاتلوا قومهم، أي أنهم في موقف متردد متذبذب، فيوجه الله عز وجل المؤمنين إلى الجانب الإيجابي في المسألة وهو أن هؤلاء الأقوام لن يقاتلوهم وسيعتزلوهم، وكان الله قادراً أن يسلطهم على المؤمنين فيقاتلونهم..
إن قدرتنا على استكشاف العناصر الإيجابية من حولنا يجعلنا أكثر قدرةً على استثمارها في تحقيق النصر والنجاح، لذلك لا غرابة أن يلح القرآن علينا في مواضع كثيرة بأن نذكر نعمة الله علينا..
إن نظرتنا الإيجابية للحياة من حولنا تجعل منا شخصيات إيجابية مقبلة نحو الحياة.
والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق